كينيا تشتعل في ذكرى احتجاجات الديمقراطية.. واتهامات متبادلة بين الشرطة والحقوقيين
كينيا تشتعل في ذكرى احتجاجات الديمقراطية.. واتهامات متبادلة بين الشرطة والحقوقيين
قُتل ما لا يقل عن عشرة أشخاص خلال مظاهرات اندلعت في عدة مقاطعات كينية، إحياءً لذكرى احتجاجات سابقة مؤيدة للديموقراطية، بحسب ما أعلنت اللجنة الوطنية الكينية لحقوق الإنسان يوم الإثنين.
وأكدت اللجنة في بيانها أنها وثقت أيضًا 29 جريحًا، وحالتي خطف، و37 عملية توقيف في ما لا يقل عن 17 مقاطعة مختلفة، ما يعكس اتساع نطاق الاحتجاجات وخطورتها، بحسب فرانس برس.
"عصابات مسلّحة تعمل إلى جانب الشرطة"
لفتت اللجنة إلى مشاركة "عصابات إجرامية تحمل أسلحة بدائية"، وقالت إنها رصدت ملثمين يعملون إلى جانب قوات الأمن في العاصمة نيروبي. وأثارت هذه المزاعم موجة استنكار بين نشطاء المجتمع المدني الذين رأوا في ذلك دليلاً على تواطؤ رسمي لإجهاض الحراك الشعبي في كينيا.
الشرطة: قتلنا 11.. وجرحنا العشرات
أصدرت الشرطة الوطنية الكينية بيانًا منفصلاً أكدت فيه مقتل 11 شخصًا، وإصابة 52 من عناصرها و11 مدنيًا بجروح، مشيرة إلى توقيف 567 شخصًا خلال الاحتجاجات، من دون تقديم أي تفاصيل إضافية بشأن التهم الموجهة لهم.
وردّ المتحدث باسم الشرطة، مايكل مشيري، على اتهامات اللجنة الحقوقية بالتشكيك في دقتها، مؤكدًا أن "هذه البيانات قد تفتقر غالبًا إلى الموثوقية".
اقتصاد راكد وغضب شبابي متصاعد
اندلعت الاشتباكات بين قوات مكافحة الشغب والمتظاهرين الذين قُذفوا بالغاز المسيل للدموع في العاصمة ومناطق أخرى، بينما رد بعضهم برشق الحجارة، وسط تقارير عن أعمال نهب وتخريب طالت محال تجارية.
يشير مراقبون إلى أن الإحباط من الركود الاقتصادي، واستشراء الفساد، والعنف الممنهج من قبل الشرطة، هو ما يدفع الشباب إلى الشارع مجددًا، خصوصًا بعد احتجاجات الشهر الماضي التي أسفرت عن مقتل العشرات وتدمير آلاف الأعمال.
اتهامات بمحاولات انقلاب وتخريب
اتهمت الحكومة الكينية المتظاهرين بالسعي إلى زعزعة الاستقرار، ووصفت التحركات بأنها أقرب إلى "محاولة انقلاب"، في حين يتهم المحتجون السلطات بتمويل مسلحين بهدف التخريب وتشويه صورة الاحتجاجات السلمية.
وفي نيروبي، شهدت بعض المناطق هدوءًا حذرًا الاثنين، مع انتشار مكثف للشرطة ونصب حواجز على الطرق المؤدية إلى بؤر الاحتجاجات السابقة.
يوم سابا سابا.. من الانتفاضة إلى الدم
تحيي الاحتجاجات ذكرى انتفاضة 7 يوليو 1990، المعروفة باسم "سابا سابا" (أي 7/7 بالسواحيلية)، والتي شكلت منعطفًا تاريخيًا في نضال الكينيين من أجل إعادة التعددية الحزبية وإنهاء حكم الحزب الواحد في عهد الرئيس دانيال أراب موي.
ومنذ ذلك الحين، أصبح هذا اليوم رمزًا للمقاومة الشعبية ضد القمع، لكنه عاد هذا العام محمّلاً بأوجاع اقتصادية وسياسية جديدة.
تأسست اللجنة الوطنية الكينية لحقوق الإنسان كمؤسسة مستقلة لمراقبة الانتهاكات، ولعبت دورًا محوريًا في رصد تجاوزات الأجهزة الأمنية، خصوصًا في فترات الاضطرابات السياسية، وتشهد كينيا موجة احتجاجات متكررة منذ أشهر بسبب قرارات اقتصادية مجحفة، وسط تنامي الفجوة بين الشباب والحكومة، وتعيد أحداث "سابا سابا" الحالية إلى الأذهان مشاهد القمع في تسعينيات القرن الماضي، ما يثير القلق من عودة كينيا إلى دوامة القمع السياسي والعنف الممنهج.